
أكد عبدالحكيم جمال عبدالناصر، نجل الزعيم الراحل، في تصريح خاص لـ«الشروق» أن المحادثة الصوتية المنسوبة إلى والده والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي ليست “تسريبًا”، مشيرًا إلى أن التسجيل ومحضره متاحان منذ سنوات في مكتبة الإسكندرية ضمن مجموعة أوراق عبد الناصر الخاصة والعامة التي أهدتها الأسرة للمكتبة.
إقرأ أيضا:
وأوضح أن الصفحة التي نشرت التسجيل الصوتي تخصه، وهناك من يديرها نيابة عنه.
سياق التسجيل: لقاء في أغسطس 1970
تم تسجيل الجلسة في أوائل أغسطس 1970، قبل وفاة الزعيم عبدالناصر بأسابيع قليلة.
وخلال المحادثة، انتقد عبدالناصر بشدة الحكومات السورية والعراقية والجزائرية وبعض الفصائل الفلسطينية، متهمًا إياهم بالمزايدة عليه دون تقديم أي مساهمة فعلية في الحرب ضد إسرائيل.
وفي واحدة من أبرز العبارات، قال ناصر للقذافي:
“خليهم يحلوا عنّا… واللي عايز يحارب يروح يحارب.”
كما أوصى الملك حسين ملك الأردن بالقبول بأي اتفاق يعيد الضفة الغربية، حفاظًا على الأراضي العربية من التهويد.
اعترافات صادمة: دور أمريكا في دعم إسرائيل
أشار عبدالناصر خلال التسجيل إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تموّل وتسلّح إسرائيل بالكامل، وهو ما اعتبره البعض تأكيدًا لرؤية الرئيس الراحل أنور السادات بأن “٩٩٪ من أوراق اللعبة بيد أمريكا”.
هل كان عبدالناصر ديكتاتورًا؟
دافع عبدالحكيم عبدالناصر عن والده قائلًا:
“هل هناك ديكتاتور يسجل لقاءاته بالصوت والصورة ويتركها محفوظة للجميع؟!”
مؤكدًا أن التسجيلات لم تُعدَّل أو تُمنتج، ويمكن لأي شخص الاطلاع عليها كاملة في مكتبة الإسكندرية.
حقيقة قبول عبدالناصر بمبادرة روجرز
وأوضح عبدالحكيم أن قبول والده بمبادرة روجرز جاء في إطار استراتيجية مدروسة لتحريك حائط الصواريخ إلى قناة السويس، بهدف حماية العمق المصري من الغارات الإسرائيلية، وليس تفريطًا في الحقوق كما روجت بعض الحملات المضادة.
مبادرة روجرز، بحسب عبدالحكيم، نصت على التزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة وفقًا لقرار مجلس الأمن ٢٤٢، وتوفير خيار العودة أو التعويض للفلسطينيين.
مزايدات الحكومات العربية… والنتيجة؟
انتقد عبدالحكيم ازدواجية بعض الحكومات العربية التي كانت تزايد على عبدالناصر سياسيًا دون أن تقدم دعمًا فعليًا:
الجزائر امتنعت عن إرسال الطيارين.
سوريا رفضت السماح للطائرات المصرية بشن غارات على إسرائيل من أراضيها خوفًا من الانتقام.
بعض المنظمات الفلسطينية انتقدت عبدالناصر لكنها وقعت لاحقًا على اتفاقية أوسلو.
وأكد عبدالحكيم أن عبدالناصر كان رجل دولة حقيقيًا يعرف متى يقاتل ومتى يفاوض.
من المستفيد من نشر التسجيل الآن؟
ردًا على هذا السؤال، قال عبدالحكيم إن المستفيد هو “الحقيقة”، مشيرًا إلى أهمية أن تسمع الأجيال الجديدة التاريخ بصوت أصحابه دون تحريف أو تزييف.
وأكد أن المزيد من المواد الصوتية والوثائقية سيتم نشرها عبر قناة Nasser TV على اليوتيوب.
هل التسجيل ينصف السادات؟
أوضح عبدالحكيم أن عبدالناصر لم يرفض يومًا الحلول السلمية المشروطة بالحقوق العربية، لكنه لم يتنازل عنها أبدًا. وأضاف أن ما قام به والده بعد هزيمة 1967 وحتى وفاته كان تحضيرًا لمعركة استنزاف طويلة لاستعادة الكرامة العربية.
ويرى أن التسجيل لا يقلل من قيمة عبدالناصر، بل يبرز حكمته السياسية وحرصه على عدم التضحية بشباب الجيش المصري في معارك عبثية.
إعادة قراءة للتاريخ
يشير عبدالحكيم إلى أن التاريخ يعيد نفسه؛ فاليوم كما في الأمس، هناك من يطالب مصر بتحرير فلسطين وحدها دون دعم حقيقي من بقية الدول العربية.
واختتم بالقول إن الزعيم جمال عبدالناصر لم يَعِد يومًا بإلقاء إسرائيل في البحر أو تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، بل طالب بحقوق الفلسطينيين المشروعة، مشددًا على أهمية فهم السياق الزمني لكل تصريح وموقف.