
لطالما شكّل نجم سهيل حالة وجدانية خاصة في ثقافة الجزيرة العربية، حيث ينتظره الناس في كل عام بشوق كبير، باعتباره مؤشرًا على انتهاء حرارة الصيف القاسية وبداية موسم الخريف. ومع ظهوره في أواخر أغسطس، تنتشر العبارة الشعبية الشهيرة: “طلع سهيل.. بشّروا بالخير”، تعبيرًا عن التفاؤل بانخفاض درجات الحرارة وبدء موسم التمر ورحلات البر.
إقرأ أيضا:
🌾 نجم موسمي يوجه حياة المزارعين والرحّل
في الماضي، كان سهيل يُعد مرجعًا زمنيًا لا غنى عنه للفلاحين والرحّل في الجزيرة العربية. فظهوره كان يُستدل به على بدء مواسم الحصاد، الصيد، ورحلات البر، حيث اعتمدت عليه القبائل في تنظيم أعمالها اليومية ومواسمها الزراعية والبيئية، قبل ظهور التقاويم الفلكية الحديثة.
🔭 د. أفنان الملحم: سهيل مؤشر فلكي.. لا يغيّر الطقس
في حديثها لـ”الصحافة”، أوضحت الدكتورة أفنان بنت عبد اللطيف الملحم، أستاذ المناخ المساعد بجامعة الملك فيصل، أن نجم سهيل يحتل مكانة عميقة في الوعي الشعبي، لكنه ليس سببًا مباشرًا في تغيّر المناخ.
“نجم سهيل لا يؤثر في المناخ بحد ذاته، لكنه يتزامن مع بداية تراجع الإشعاع الشمسي عن نصف الكرة الشمالي، ما يؤدي إلى انخفاض تدريجي في درجات الحرارة.”
وأضافت أن سهيل يُعتبر ثاني ألمع نجم في السماء بعد الشعرى اليمانية، ويظهر في الأفق الجنوبي في أواخر أغسطس من كل عام، متزامنًا مع بداية الاعتدال المناخي، وتراجع معدلات الرطوبة، وبدء موسم قطاف التمور.
🌍 بين الموروث العلمي والأسطورة الشعبية
رغم المعرفة العلمية بأن سهيل مجرد مؤشر فلكي، إلا أن مكانته في قلوب الناس لا تزال قوية. تقول الملحم:
“حب الناس لسهيل نابع من رمزيته التاريخية، كونه يرمز للتجدد بعد مشقة الصيف. هو أشبه بجرس بداية الموسم الجديد.”
وشددت على أهمية التوازن بين التمسك بالثقافة الشعبية وفهم المنطق العلمي، مؤكدة أن العلاقة بين سهيل والتغيّرات الجوية هي علاقة تزامن زمني لا سببية مباشرة.
✨ نجم سهيل.. عندما يلتقي العلم بالوجدان
يظل نجم سهيل علامة فريدة في الثقافة العربية، يجمع بين سحر الماضي وعلم الفلك الحديث. وبينما يتقدم العلم في تفسير الظواهر المناخية، تبقى رمزية سهيل حاضرة في الوجدان، تذكّرنا بأن هناك لحظات لا يمكن تفسير جمالها إلا بالمشاعر.