
تبنت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، يوم الثلاثاء الماضي، اتفاقًا تاريخيًا يحدد كيفية الاستعداد لأي جوائح مستقبلية. هذا القرار يأتي في أعقاب تفشي جائحة كوفيد-19، التي حصدت أرواح الملايين بين عامي 2020 و2022، ويُمثل خطوة فارقة نحو تعزيز التعاون الصحي العالمي.
إقرأ أيضا:
“انتصار للصحة العامة والعلوم والعمل المتعدد الأطراف”
علق المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، في بيان له قائلًا: “هذا الاتفاق انتصار للصحة العامة والعلوم والعمل المتعدد الأطراف، وسيسمح لنا، على نحو جماعي، بحماية العالم بشكل أفضل من تهديدات مقبلة بجوائح”. وأقر في تصريحات بأن “اليوم يوم كبير… تاريخي”.
ينص الاتفاق، الذي أُنجزت نسخته النهائية بالتوافق في 16 أبريل 2025، على إنشاء آلية تنسيق عالمية مبكرة وأكثر فعالية في آن واحد.
تهدف هذه الآلية إلى الوقاية والرصد والاستجابة لأي مخاطر قد تؤدي إلى جائحة مستقبلية.
ضمان الإنصاف في اللقاحات والفحوصات
يقضي الهدف الرئيسي للاتفاق أيضًا بضمان الإنصاف في الحصول على المنتجات الصحية في حال حدوث جائحة.
لطالما اشتكت البلدان الأكثر فقرًا من هذه المسألة خلال أزمة كوفيد-19، عندما احتكرت الدول الثرية اللقاحات وفحوصات التشخيص، مما أثر سلبًا على قدرة الدول النامية على مكافحة الوباء.
يعزز الاتفاق كذلك الترصد متعدد القطاعات ونهج “صحة واحدة” الذي يراعي صحة البشر والحيوانات والبيئة ككل متكامل.
ويُقيم بشكل خاص آلية “لإتاحة مسببات المرض وتشارك المنافع”، والتي من شأنها أن “تُتيح تشاركًا سريعًا جدًا ومنهجيًا للمعلومات الخاصة ببروز مسببات للمرض قد تؤدي إلى تفشي جائحة”، بحسب ما أوضحت السفيرة الفرنسية للصحة آن-كلير أمبرو، التي شاركت في إدارة المفاوضات الخاصة بالاتفاق بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها.
لا تزال التفاصيل الدقيقة لهذه الآلية بحاجة إلى التفاوض، على أمل اختتامها بحلول الجمعية المقبلة في مايو 2026.
موافقة واسعة رغم التحديات
اعتُمد القرار الخاص بالاتفاق في جلسة مساء يوم الإثنين الماضي لإحدى لجان الجمعية بـ 124 صوتًا مؤيدًا، ولم تصوت أي دولة ضده، في حين امتنعت دول مثل إسرائيل وإيران وروسيا وإيطاليا وبولندا عن التصويت.
تأتي هذه الموافقة بعد مفاوضات شاقة كادت تنهار في بعض الأحيان، خاصة في ظل الاقتطاعات المالية الشديدة التي تواجهها المنظمة بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب منها وإحجامها عن دفع اشتراكات العامين 2024 و2025.
هل ترى أن هذا الاتفاق سيُحدث فرقًا حقيقيًا في الاستجابة للجوائح المستقبلية، أم أنه مجرد خطوة رمزية؟