
تقف الدرعية شامخة على ضفاف وادي حنيفة شمال غرب الرياض، حاملةً بين جدرانها قصة تأسيس الدولة السعودية الأولى وسحر العمارة النجدية الأصيلة. تعود أصولها إلى القرن الخامس عشر، حيث بدأت كقرية صغيرة وتحوّلت مع الزمن إلى مركز ديني وسياسي وثقافي، لتصبح اليوم إحدى أكثر الوجهات التاريخية جذبًا في المملكة.
إقرأ أيضا:
وفي إطار رؤية السعودية 2030، أُعيد إحياء الدرعية لتكون نقطة جذب عالمية تجسّد روح نجد القديمة وتفتح نافذة على ماضي المملكة الزاخر بالبطولات والإنجازات.
حي الطريف.. جوهرة التراث العالمي
من أبرز ما يميز الدرعية طرازها المعماري النجدي الفريد، والمُتجسّد بشكل واضح في حي الطريف المُدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي. المشي في أزقة الطريف يشبه السفر عبر الزمن؛ حيث تصطف البيوت الطينية المزخرفة، وتبرز القصور الشاهقة مثل قصر سلوى الذي كان مركزًا للحكم وإدارة الدولة.
هذا الحي العريق يُعد تحفة معمارية تروي قصة مجتمع نجد في أبهى تجلياته، ويجذب الزوار بشهادة صامتة على براعة الأجداد في البناء والحفاظ على الهوية.
البجيري.. حيث يلتقي الماضي بالحاضر
على الضفة الأخرى من الوادي، تقع منطقة البجيري التي تم تطويرها لتقدم تجربة متكاملة تجمع بين التراث والحداثة. تضم المنطقة مجموعة مختارة من المطاعم العالمية والمقاهي الراقية، ومسارات للمشي تطل مباشرة على حي الطريف.
مع حلول المساء، تتلألأ جدران الطين بعروض الإضاءة التي تبرز ملامح العمارة التقليدية بطريقة تخطف الأنظار. وتستضيف البجيري العديد من الفعاليات الثقافية والفنية التي تعكس روح التراث السعودي، لتجعل من الزيارة تجربة متعددة الحواس.
بوابة الدرعية.. مشروع يعانق الحلم ويُجسد الهوية
ضمن مشاريع رؤية السعودية 2030، انطلق مشروع بوابة الدرعية ليحول المنطقة إلى عاصمة للثقافة والتراث على مستوى عالمي. يضم المشروع منتجعات فاخرة، متاحف، مسارح في الهواء الطلق، ومراكز ثقافية تعيد إحياء القصص النجدية التي خُطّت بين جدران الطريف.
ولا يقتصر المشروع على الجانب السياحي فقط، بل يسهم في خلق فرص عمل للشباب السعودي وتعزيز مشاركة المجتمع المحلي في صون تراثه، مما يُرسّخ ارتباط المكان بالإنسان ويضمن استدامته للأجيال القادمة.
الدرعية.. أكثر من مجرد مدينة تاريخية
إن زيارة الدرعية ليست مجرد رحلة إلى موقع أثري، بل تجربة غنية بالمعنى، تربط الحاضر بالماضي وتُجسّد الهوية السعودية في أبهى صورها. من قصر سلوى إلى مقاهي البجيري، ومن أزقة الطريف إلى مسارح بوابة الدرعية، هناك حكايات تُروى وهمسات من التاريخ تنتظر من يكتشفها.
الدرعية هي القلب النابض للمملكة، والبوابة التي نطل منها على تراثٍ عريق ومستقبل طموح. إنها دعوة مفتوحة لكل من يبحث عن تجربة ثقافية فريدة لا تُنسى.