
قد يبدو للوهلة الأولى مشهد ابتلاع الحيوانات للحجارة أمرًا غير منطقي، لكن هذا السلوك غير الاعتيادي يخفي وراءه استراتيجيات بيولوجية وسلوكية مذهلة، ساعدت هذه الكائنات على التكيف والبقاء في بيئاتها المتنوعة.
إقرأ أيضا:
🦴 الحجارة كـ “أسنان داخلية”: كيف تساعد في الهضم؟
العديد من الحيوانات، وخصوصًا الطيور مثل الدجاج والحمام والنعام، لا تمتلك أسنانًا لطحن الطعام. وبدلًا من ذلك، تعتمد على عضلة قوية في المعدة تُعرف باسم القانصة. عندما تبتلع الطيور حصى صغيرة، تعمل هذه الحجارة كمطحنة داخلية تساعد في تفتيت الطعام الصلب كالبذور والحبوب.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على الطيور فقط، بل تشمل أيضًا بعض الزواحف والأسماك والبرمائيات، التي تلجأ لنفس الآلية لهضم النباتات الصعبة أو الطعام الليفي.
🐊 وزن إضافي للتحكم في الطفو والغوص
بعض الحيوانات المائية، مثل فقمات الفيل والتماسيح، تبتلع الحجارة لتحسين قدرتها على الغوص. هذه الحجارة تزيد من كتلة الجسم وتقلل من الطفو، مما يساعدها على الغوص لمسافات أعمق والبقاء تحت الماء لفترة أطول أثناء الصيد أو التنقل.
🧪 المعادن من التربة: تلبية احتياجات غذائية دقيقة
في بعض الحالات النادرة، تبتلع الحيوانات تربة أو طين يحتوي على معادن نادرة يحتاجها الجسم مثل الحديد أو الزنك. هذا السلوك يُعرف علميًا باسم “الجيوفاجيا”، وقد لوحظ في بعض الثدييات والطيور التي تسعى لتعويض نقص العناصر في غذائها.
🧠 سلوكيات غريبة: الملل، الضغط أو حتى المغازلة!
ليس دائمًا ما يكون الهدف من ابتلاع الحجارة فسيولوجيًا. ففي بيئات مغلقة أو فقيرة بالمحفزات، قد تلجأ الحيوانات، خاصة في الأسر، إلى ابتلاع الأجسام الغريبة كنوع من تفريغ التوتر أو كاستجابة للملل.
الأمر الأكثر غرابة أن بعض الطيور، مثل طيور البطريق أو الغربان، تقدم حصى مميزة أثناء طقوس التزاوج كهدية لجذب الشريك.
⚠️ هل هناك مخاطر من ابتلاع الحجارة؟
رغم الفوائد، إلا أن هذا السلوك ليس دون مخاطر. ابتلاع كميات كبيرة من الحصى أو قطع ذات حجم غير مناسب قد يؤدي إلى:
انسداد الجهاز الهضمي
إصابات داخلية
صعوبة في الإخراج
وقد تصل المضاعفات إلى الوفاة في الحالات الشديدة
عادةً ما تختار الحيوانات حصى صغيرة مناسبة لحجمها ووظيفتها، وتقوم بإخراجها أو التخلص منها عند عدم الحاجة.
خلاصة: سلوك غريب وراءه عبقرية تطورية!
ابتلاع الحيوانات للحجارة ليس مجرد تصرف عشوائي، بل هو مثال حي على المرونة البيولوجية والذكاء التطوري الذي تمتلكه الكائنات. من الهضم والتوازن إلى التفاعل الاجتماعي، تكشف لنا هذه الظاهرة عن الدهشة الكامنة في التفاصيل الصغيرة لعالم الحيوان.