في خطوة رائدة تُبشر بمستقبل أكثر شمولًا وسهولة في استخدام التكنولوجيا، تستعد شركة آبل العملاقة لإطلاق تقنيات مبتكرة تُمكّن المستخدمين من التحكم في أجهزتها المتنوعة، مثل iPhone و iPad، باستخدام الإشارات الدماغية.
إقرأ أيضا:
هذا التطور الثوري، الذي يأتي بالتزامن مع اليوم العالمي للتوعية بإمكانية الوصول الرقمي في 15 مايو، يمثل تحولًا جذريًا في عالم تكنولوجيا المساعدة لذوي الإعاقة، ويفتح آفاقًا واسعة لمستقبل تتحكم فيه الأفكار بالأجهزة بشكل مباشر.
وقد كشفت آبل عن هذا التقدم الهام في تطوير هذه التقنيات المتطورة من خلال شراكة استراتيجية تجمعها بشركة “Synchron” الرائدة والمتخصصة في تطوير الواجهات العصبية المبتكرة.
ووفقًا لتقرير حصري نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” المرموقة، تعتزم شركة آبل إصدار معيار تقني خاص بهذه التكنولوجيا الثورية في وقت لاحق من هذا العام، وذلك لتزويد مجتمع المطورين بالأدوات اللازمة لدمج هذه الإمكانات في تطبيقاتهم وخدماتهم.
وتأتي هذه المبادرة الطموحة في إطار جهود آبل المستمرة لجعل منتجاتها وخدماتها في متناول الجميع وتلبية احتياجات أكبر شريحة من المستخدمين، بما في ذلك ذوي الإعاقات الحركية. وقد سبق لشركة Synchron أن تعاونت مع شركات تكنولوجية كبرى أخرى مثل أمازون، وذلك لتطوير أدوات تكنولوجيا مساعدة مبتكرة تهدف إلى تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقات الحركية وتمكينهم من التفاعل بشكل أفضل مع العالم الرقمي.
وتنتج شركة Synchron جهازًا طبيًا مبتكرًا يُطلق عليه اسم “Stentrode”، وهو عبارة عن جهاز صغير يُزرع داخل أحد الأوردة الموجودة في القشرة الحركية للدماغ. يعمل هذا الجهاز المتطور على قراءة الإشارات العصبية الصادرة من الدماغ وترجمتها بكفاءة إلى أوامر قابلة للتنفيذ، مما يتيح للمستخدم التحكم في أجهزة مختلفة مثل هواتف iPhone، وأجهزة iPad اللوحية، وحتى نظارات الواقع الافتراضي المتطورة Vision Pro.
وقد أظهرت تجربة سابقة أُجريت في عام 2023 الإمكانات الهائلة لهذه التقنية الثورية، حيث تمكن أحد مرضى التصلب الجانبي الضموري (ALS) من استخدام جهاز “Stentrode” بنجاح للتنقل بسهولة داخل قوائم نظارة Vision Pro واستكشاف المناظر الطبيعية الخلابة لجبال الألب السويسرية عبر تجربة الواقع الافتراضي الغامرة، مما يبرز الإمكانات الهائلة التي قد توفرها هذه التقنية في المستقبل القريب للأشخاص الذين يعانون من إعاقات حركية شديدة.
وتعمل شركة Synchron حاليًا على تطوير تكامل سلس لهذه الواجهة الدماغية المبتكرة مع منصات الذكاء الاصطناعي المتقدمة مثل ChatGPT، وذلك في إطار سعيها الدؤوب لتوسيع نطاق استخدام هذه التقنية وتطبيقاتها المختلفة.
تأثير عميق على مستقبل تكنولوجيا الوصول الرقمي
على الرغم من أن خطط آبل الحالية تقتصر على إتاحة هذه المعايير التقنية المبتكرة للمطورين في الوقت الحالي، إلا أن وصول هذه التكنولوجيا المتطورة إلى عامة المستخدمين، وخاصة أولئك الذين يعانون من إعاقات شديدة، قد يستغرق بعض الوقت.
وقد أشار “بوب فاريل”، نائب رئيس شركة Applause المتخصصة في اختبار جودة التقنيات الرقمية وإمكانية الوصول إليها، إلى أن مثل هذه الابتكارات الطبية الواعدة تتطلب سنوات من البحث والتطوير والاختبار الشامل قبل أن تصبح متاحة على نطاق واسع لعموم المستهلكين.
وأضاف فاريل أن شركة آبل لعبت دورًا محوريًا ورائدًا في دفع قطاع التكنولوجيا العالمي نحو تبني المزيد من الشمول الرقمي وتلبية احتياجات المستخدمين ذوي الإعاقة، مضيفًا أن “الشركة أدركت منذ وقت مبكر أن بناء منتجات شاملة لا يحقق فوائد اجتماعية نبيلة فحسب، بل يحمل أيضًا مزايا تجارية كبيرة.
وقد شهدنا مؤخرًا توجه شركات ألعاب الفيديو للمنافسة على جوائز الشمول الرقمي بعد أن كانت تعتبر نفسها في السابق خارج إطار الالتزامات القانونية في هذا المجال.”
ومع ذلك، أكد فاريل على أن الجهود الحقيقية لجعل المنتجات والخدمات شاملة بالفعل تتطلب التزامًا عميقًا وتعاونًا مستمرًا وفعالًا مع الأشخاص ذوي الإعاقات أنفسهم في جميع مراحل تطوير المنتج، بدءًا من مرحلة البحث الأولي ووصولًا إلى اختبارات الاستخدام النهائي.
ودعا فاريل الشركات التكنولوجية الرائدة إلى العمل جنبًا إلى جنب مع خبراء متخصصين في مجال إمكانية الوصول الرقمي والمجتمعات المتأثرة بشكل مباشر بالإعاقات، وذلك للحصول على ملاحظات واقعية وقيمة تساعد في تحسين تصميم المنتجات وتفادي المشكلات التي قد لا تلاحظها الفرق الداخلية أو أدوات الاختبار الآلية.
ميزات جديدة تعزز إمكانية الوصول في أجهزة آبل
في إطار جهودها المتواصلة لدعم وتمكين الوصول الرقمي لجميع المستخدمين، أعلنت شركة آبل عن مجموعة من الميزات الجديدة والمبتكرة التي سيتم طرحها في أجهزتها المختلفة في وقت لاحق من هذا العام، وتشمل ما يلي:
* ملصقات تقييم الوصول في متجر التطبيقات (App Store): تهدف هذه الملصقات إلى توضيح ميزات الوصول المتوفرة في الألعاب والتطبيقات المختلفة، مما يسهل على المستخدمين ذوي الإعاقة العثور على التطبيقات التي تلبي احتياجاتهم الخاصة.
* أداة التكبير المحسّنة لأجهزة Mac: ستقدم آبل أداة تكبير جديدة لأجهزة Mac، على غرار تلك المتوفرة بالفعل في نظام iOS، مما يوفر للمستخدمين الذين يعانون من ضعف البصر تجربة استخدام أكثر سهولة ووضوحًا.
* دعم برايل موسع عبر الأجهزة المتوافقة: ستعمل آبل على توسيع نطاق دعم نظام برايل عبر مختلف أجهزتها المتوافقة، مما يتيح للمستخدمين المكفوفين وضعاف البصر تدوين الملاحظات وقراءة الكتب وتفعيل الترجمة الفورية باستخدام أجهزة برايل الطرفية.
* وضع القارئ المخصص للأشخاص ذوي الاحتياجات البصرية في أنظمة iOS و Mac و Vision Pro: سيوفر هذا الوضع الجديد تجربة قراءة محسّنة ومخصصة للأشخاص الذين يعانون من صعوبات في الرؤية، مع إمكانية تعديل حجم الخط ونوعه والتباين والألوان لتناسب احتياجاتهم الفردية.
* ميزة الترجمة الفورية المباشرة على ساعة Apple Watch: ستتيح هذه الميزة الجديدة للمستخدمين ترجمة المحادثات المنطوقة في الوقت الفعلي مباشرة على شاشة ساعة Apple Watch، مما يسهل التواصل مع الأشخاص الذين يتحدثون لغات مختلفة.
* تحسينات كبيرة في عرض المحتوى على نظارة Vision Pro: ستقدم آبل تحسينات ملحوظة في طريقة عرض المحتوى على نظارتها المتطورة Vision Pro، بهدف توفير تجربة بصرية أكثر راحة وسهولة في الاستخدام للأشخاص ذوي الاحتياجات البصرية المختلفة.
