
لأكثر من قرن، كان للمحار أهمية اقتصادية وبيئية بالغة في منطقة خليج تشيسابيك، وهو أكبر مصب نهر في الولايات المتحدة، وفي هذه المنطقة، اقتصرت تربية المحار عادةً على الطرق التقليدية، والتي قد تكون غير دقيقة، غير أن علماء أمريكيين، سيغيرون هذا.
ويُعدّ نشر صغار المحار وتجريف المحار البالغ أمراً محفوفاً بالمخاطر، إذ لا يعرف المزارعون أفضل ظروف النمو، وقد تُلحق هذه الطرق الضرر بالبيئة المائية الهشة، وفق “إنترستينغ إنجينرينيغ“.
إقرأ أيضا:
عادةً ما يواجه مزارعو المحار تحديات كبيرة، من أبرزها نقص المعلومات الدقيقة حول طبيعة قاع البحر، ما يدفعهم أحياناً إلى زراعة صغار المحار في أماكن غير مناسبة لنموها. كما أن عمليات الحصاد التقليدية التي تعتمد على سحب الشباك بشكل عشوائي قد تُسبب أضراراً جسيمة للبيئة البحرية.
لكن هذا الواقع قد يتغير قريباً، بفضل مشروع رائد تقوده جامعة ماريلاند تحت إشراف أستاذ الهندسة الميكانيكية مياو يو، وبتمويل يبلغ 10 ملايين دولار من وزارة الزراعة الأمريكية.
يهدف المشروع إلى إحداث نقلة نوعية في مجال تربية المحار من خلال دمج أحدث تقنيات الروبوتات والذكاء الاصطناعي، ما يُمكّن من تنفيذ عمليات الزراعة والحصاد بدقة غير مسبوقة.
وقال يو: “نريد أن ننتقل من الزراعة العشوائية إلى زراعة دقيقة مبنية على بيانات وتحليلات ذكية”.
نهج روبوت المحار
والمحار فصائل متنوعة من الرخويات ثنائية المصراع التي تعيش في المياه المالحة، وتوجد في المياه البحرية والمياه قليلة الملوحة، وتشمل تربية المحار في قطاع تربية الأحياء المائية تربية وجمع المحار لتحقيق الربح, ويشمل ذلك بيع لحمه كغذاء، وأصدافها، وأحياناً أي لآلئ قد تنتجها.
وأفادت شركة EurekAlert أن الفريق يعمل على نظام مبتكر يعتمد على نهج روبوتي ثنائي المحور.
ويقوم روبوت مغمور في الماء، مزود بكاميرا عالية الدقة، بمسح قاع البحر، والتقاط صور مفصلة لأحواض المحار.
وفي الوقت نفسه، يستخدم روبوت على سطح الماء تقنية السونار، حيث يُصدر نبضات صوتية لإنشاء خريطة صوتية شاملة تغطي مساحة أكبر، وباستخدام البيانات المجمعة، من المتوقع أن يُنشئ الذكاء الاصطناعي خريطة مزرعة تُظهر كثافة المحار في مناطق مختلفة.
وسيُزوّد نظام ذكاء اصطناعي آخر المزارعين بإرشادات الحصاد، بما في ذلك إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لتحديد المسار الأمثل، وبشكل عام، ستؤدي هذه الطريقة الروبوتية إلى استرجاع أقل ضرراً.
تعافي المحار.. ربح للجميع
وتُعد هذه التقنية الجديدة تحسيناً كبيراً على أساليب تربية المحار التقليدية التي تعود إلى قرون، وتشير التقارير إلى أنها تُتيح للمزارعين الوصول بسهولة إلى معلومات قائمة على البيانات من خلال تطبيق هاتفي.
ومن المتوقع أن تُقدم هذه التقنية الذكية مزايا كبيرة، يمكن للمزارعين توقع تحسين إنتاجية محارهم بنسبة 10% على الأقل من خلال زراعة وحصاد أكثر استراتيجية، وعلاوة على ذلك، يُقلل هذا النهج الدقيق من اضطراب قاع البحر ويُقلل من استهلاك سفن الصيد للوقود، مما يُسهم في ممارسة أكثر استدامة.
وقال يو: “يساعد المحار في الواقع على تنظيف المياه، كما يوفر مسكناً للعديد من الأنواع الأخرى، وسيفيد البيئة على المدى الطويل، لذا، يُعد هذا مشروعاً مربحاً للجميع برأيي”.
ويشير الباحثون إلى أن أعداد محار خليج تشيسابيك قد انخفضت بشكل ملحوظ منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ويأملون أن تُسهم هذه التقنية الجديدة في عكس هذا الاتجاه، ومساعدة صناعة المحار على التعافي.