
في دراسة حديثة تعد الأولى من نوعها، أعلن باحثون من إسبانيا وبولندا عن تطوير أداة علمية متخصصة لقياس إدمان الحلويات، في محاولة لفهم العلاقة النفسية والسلوكية المعقدة التي تربط البعض بتناول السكر.
إقرأ أيضا:
وبحسب ما نشره موقع Medical Xpress، فقد جاء هذا الابتكار نتيجة تعاون مشترك بين جامعة “روفيرا إي فيرجيلي” الإسبانية، وقسم أبحاث إدمان الغذاء في مؤسسة “فيت مايند” البولندية، حيث تم تصميم مقياس فريد يركّز على سلوكيات تناول الحلويات بشكل منفصل عن الأطعمة الأخرى، ما يشكل خطوة متقدمة في فهم أنماط الإدمان الغذائي.
الحلويات كوسيلة للهروب النفسي
لا ينظر الكثيرون إلى الحلويات كمجرد مصدر للمتعة، بل تتحول في حالات عديدة إلى وسيلة للهروب من الضغط النفسي أو الشعور بالفراغ العاطفي، ما ينتج عنه نمط من التعلّق القهري يترافق مع مشاعر مؤقتة من الراحة، تعقبها موجات من الذنب وصراع داخلي.
هذه السلوكيات تتقاطع مع خصائص معروفة في اضطرابات الإدمان، مما يعزز الحاجة إلى أدوات قياس دقيقة مثل المقياس الجديد.
تطوير مقياس خاص بإدمان السكر
استند الباحثون إلى مقياس “إدمان الطعام بجامعة ييل” (YFAS 2.0)، وقاموا بتعديله ليقتصر على الأطعمة السكرية فقط، ما يسمح بقياس سلوكيات تناول الحلويات بناءً على معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5). ويُعنى المقياس بتقييم عدة جوانب مثل:
شدة الرغبة القهرية في تناول الحلويات
فقدان السيطرة على الكميات المستهلكة
المشاعر المصاحبة مثل الذنب أو الندم
تكرار المحاولات الفاشلة لخفض الاستهلاك
كما يحلل الجوانب النفسية والعاطفية والمعرفية المرتبطة بالسلوك الغذائي.
نتائج الدراسة: أرقام صادمة
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Nutrients المتخصصة في التغذية، بعد مراجعة المقياس من قبل 11 خبيراً في مجالات علم النفس والطب النفسي والتغذية السريرية.
وقد شملت الدراسة 344 شخصاً بالغاً من بولندا، قدموا معلومات دقيقة عن استهلاكهم للحلويات، مؤشر كتلة الجسم (BMI)، والمشاعر المرتبطة بالطعام.
وكانت النتائج لافتة، إذ:
صرّح 62% من المشاركين بأنهم يعتبرون أنفسهم مدمنين على الحلويات
53% أقروا بهذا الشعور لأنفسهم أو لمقربين
ثلث المشاركين يتناولون الحلويات عدة مرات يومياً
لوحظ ارتباط قوي بين ارتفاع درجات المقياس ومشاعر الذنب، الفشل المتكرر في خفض الاستهلاك، والرغبة الشديدة
العلاقة بين إدمان الحلويات والصحة النفسية
أشارت الدراسة إلى أن الإفراط في تناول السكر ليس مجرد مسألة تتعلق بالسمنة أو الأمراض الجسدية كداء السكري، بل يرتبط بشكل مباشر بمشكلات نفسية مثل:
القلق
الاكتئاب
ضعف القدرة على اتخاذ قرارات غذائية سليمة
وقد تسهم هذه الحالة في تفاقم أمراض أخرى مثل الكبد الدهني واضطرابات المزاج، مما يجعل التدخل النفسي والغذائي أمراً ضرورياً.
توصيات عملية للتقليل من الاعتماد على السكر
اقترح الباحثون مجموعة من الخطوات للمساعدة في التعامل مع إدمان الحلويات:
مراقبة أنماط الأكل والمحفزات النفسية المرتبطة بها
تجنّب التفكير المتطرف مثل “الحرمان التام”
تهيئة بيئة داعمة تقلل من فرص التناول القهري
استشارة أخصائي نفسي أو تغذوي عند الحاجة
خاتمة:
تكشف هذه الدراسة الرائدة عن حقيقة صادمة: إدمان الحلويات ليس مجرد شغف بالطعم الحلو، بل اضطراب نفسي وسلوكي يتطلب فهماً عميقاً وتعاملاً علمياً.
وبينما تسهّل الأداة الجديدة تشخيص الحالة، يبقى التغيير السلوكي والوعي الذاتي من أهم مفاتيح العلاج.