مملكة القصب": العراق يصل إلى مهرجان كان بفيلم مؤثر ينافس على الأوسكار
شارك الخبر عبر:

في إنجاز سينمائي تاريخي، نجح العراق أخيرًا في الوصول إلى مهرجان كان السينمائي المرموق بفيلم “مملكة القصب” (The President’s Cake) الذي يُعرض ضمن فعاليات أسبوعَي المخرجين.

إقرأ أيضا:

جوائز الأزياء السعودية 2025 تنطلق من الرياض: من هم أبرز المرشحين

روبوت “إي بار” ثورة في رعاية المسنين: دعم ورفع وإنقاذ أثناء السقوط

علماء يكشفون: هذا هو السبب الحقيقي وراء شيخوخة الدماغ

ثورة في تشخيص أمراض القلب: ذكاء اصطناعي يراقب الصفائح الدموية في الوقت الفعلي

حب الشباب والشوكولاتة: حقيقة العلاقة بينهما

خدعة الكوكاكولا والبطاطس لعلاج الصداع النصفي: هل هي مجرد وهم؟

كوب واحد بعد الأكل… السر الطبيعي لتحسين الهضم وحرق الدهون

وداعًا لمكملات الكولاجين؟ هذه الأطعمة تعزز إنتاجه طبيعيًا لبشرة نضرة

ميتة منذ 3 أشهر.. والأجهزة تُبقيها على قيد الحياة لأنها حامل!

مهرجان كان يفاجئ دينزل واشنطن بالسعفة الذهبية الفخرية

يتتبع هذا العمل الأول الواعد للمخرج حسن هادي الرحلة الشاقة لفتاة صغيرة تسعى لتوفير مكونات كعكة عيد ميلاد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في ظل ظروف اقتصادية قاسية.

وصف موقع “ديدلاين” الإعلامي المتخصص الفيلم بأنه “يتفوق بشكل كبير” على بعض الأفلام المنافسة على جائزة السعفة الذهبية، وأشار إلى أنه “قد يمنح العراق أول ترشيح له لجوائز الأوسكار”، مما يعكس الإشادة النقدية الكبيرة التي حظي بها العمل.

مملكة القصب": العراق يصل إلى مهرجان كان بفيلم مؤثر ينافس على الأوسكار

“كعكة الرئيس”: رحلة لمياء في عراق التسعينات المحاصر:

يروي الفيلم قصة لمياء، فتاة عراقية تبلغ من العمر 9 سنوات، يختارها معلموها في المدرسة لإعداد كعكة احتفالًا بعيد ميلاد الرئيس صدام حسين.

تجد لمياء نفسها أمام مهمة لا مفر منها، حيث يلوح في الأفق خطر الإبلاغ عنها للسلطات في حال فشلها في إنجاز المهمة.

تدور أحداث “مملكة القصب” في أوائل تسعينات القرن العشرين، وهي فترة عصيبة عاشها العراق تحت وطأة عقوبات اقتصادية صارمة فرضتها الأمم المتحدة عقب غزوه للكويت.

يكشف الفيلم عن معاناة لمياء وجدتها، اللتين تعيشان في مزرعة قصب متواضعة في جنوب البلاد، في سبيل توفير أبسط مقومات الحياة.

وفي رحلتهما المحفوفة بالمخاطر إلى المدينة، تصطحب الفتاة وجدتها ديك لمياء وما تبقى لديهما من ممتلكات قليلة لبيعها، بهدف جمع ثمن المكونات باهظة الثمن اللازمة لصنع الكعكة المطلوبة.

وخلال هذه الرحلة، يستعرض الفيلم ببراعة الواقع الاجتماعي المعقد في العراق خلال فترة التسعينات، ويكشف عن مظاهر الفساد المستشري في البلاد.

حرمان الطفولة ومرارة الحصار الاقتصادي:

يُشير المخرج حسن هادي إلى أنه لم تتح له فرصة الاحتفال بأعياد ميلاده بكعكة تقليدية في سنوات طفولته المبكرة، وكان عليه الانتظار حتى رفع العقوبات عن العراق بعد الغزو الأمريكي وسقوط نظام صدام حسين في عام 2003.

ويوضح هادي أنه بسبب النقص الحاد في السكر الأبيض والبيض، اضطر الأطفال العراقيون في تلك الفترة إلى الاكتفاء بتناول الكعك المصنوع من التمر المطحون، والذي كانت تُوضع عليه شمعة في بعض الأحيان كنوع من الاحتفال البسيط.

يقول المخرج بصدق: “عندما تكون طفلاً، تشعر بالحزن لعدم حصولك على كعكة عيد ميلادك”، ويضيف بعمق: “لكن عندما تكبر، تدرك ما كان على أهلك أن يمروا به لتأمين الطعام الذي تأكله”.

ويرى هادي أن العقوبات الاقتصادية “هدمت النسيج الأخلاقي للمجتمع” العراقي وأعادت البلاد “مئات السنين إلى الوراء”، مؤكدًا: “لا يتعلق الأمر بعائلتي فقط، بل بكل هؤلاء الناس الذين اضطروا حرفياً إلى بيع كل شيء”، حتى أن بعضهم وصل به اليأس إلى بيع “إطارات أبوابهم” لتأمين لقمة العيش.

ويعتبر هادي أن “العقوبات تقوّي الحكام المستبدين” لأنها تركز الموارد النادرة في أيديهم وتجعلهم “أكثر بطشاً” وسيطرة على الشعب.

جمال الأهوار العراقية كخلفية للأحداث:

صُوّر فيلم “مملكة القصب” بالكامل في العراق، ويُجسد بجمالية لافتة منطقة المسطحات المائية القديمة في الأهوار جنوبي العراق، التي تُعتبر مهد الحضارات الإنسانية وموقعًا مدرجًا على قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 2016.

ويحمل اختيار هذا الإطار دلالة عميقة، حيث تعمّد نظام صدام حسين تجفيف هذه المنطقة في تسعينات القرن العشرين في محاولة للقضاء على المتمردين المختبئين بين القصب.

ولكن بعد الغزو الأمريكي، فتحت السلطات الباب أمام تدفق المياه مرة أخرى، مما سمح للأهوار بالازدهار واستعادة جزء من جمالها الطبيعي، على الرغم من أنها تواجه الآن تهديدات جديدة بسبب تغير المناخ.

وقد اختار حسن هادي هذا الإطار جزئيًا للتأكيد على حقيقة رمزية وهي أن “الأهوار بقيت شامخة” بينما “صدام رحل وزال حكمه”.

إعادة إحياء عراق التسعينات بتفاصيل دقيقة:

لإعادة تجسيد العراق في فترة التسعينات بكل تفاصيلها، أولى المخرج وطاقمه اهتمامًا بالغًا بأدق الجزئيات. فقد استعانوا بملابس أصلية من تلك الحقبة الزمنية ولجأوا إلى حلاق متخصص لقص شعر وشوارب الممثلين، حتى الثانويين منهم، بما يتناسب مع الموضة السائدة آنذاك. كما قاموا بتصوير أحد المشاهد المؤثرة في مطعم صغير يُقال إن صدام حسين نفسه كان يرتاده في بعض الأحيان.

ويؤدي أدوار العراقيين العاديين في الفيلم ممثلون غير محترفين، مما يضفي على العمل طابعًا واقعيًا وعفويًا، بينما تظهر صور الرئيس الراحل منتشرة في كل مكان على الملصقات والإطارات والجداريات، في إشارة إلى الرقابة الصارمة وحضور النظام القوي في حياة الناس اليومية.

وفي سياق الأحداث الإقليمية، يعلق المخرج حسن هادي على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد (في سياق زمني بديل للواقع الحالي)، معتبرًا أنه “أمر لا يُصدّق”.

ويضيف هادي بمرارة: “لا أعتقد أن العقوبات ساعدت بأي شكل من الأشكال في التخلص من بشار، لكنها بلا شك عزّزت قدرته على قتل المزيد من الناس وتعذيب المزيد”، مستخلصًا عبرة من تجربة العراق المريرة في ظل العقوبات.

يمثل فيلم “مملكة القصب” إنجازًا فنيًا هامًا للسينما العراقية، ويسلط الضوء على فترة تاريخية معقدة من خلال عيون طفلة بريئة، ليقدم بذلك عملًا مؤثرًا وقادرًا على المنافسة على أرفع الجوائز السينمائية العالمية.

شارك الخبر عبر:

قد يعجبك أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *