في تطور علمي واعد، ابتكر فريق من العلماء في إيطاليا نوعًا جديدًا من بسكويت الشوكولا الداكنة لا يتميز بمذاقه اللذيذ فحسب، بل يحمل أيضًا تأثيرًا صحيًا مفاجئًا قد يغير قواعد مكافحة السمنة. فقد أظهرت نتائج دراسة أولية مثيرة للإعجاب أن هذا البسكويت المبتكر يساعد بشكل فعال في خفض الشهية وتعزيز الشعور بالشبع والامتلاء، مما يجعله خيارًا واعدًا في المعركة المستمرة ضد الوزن الزائد.
إقرأ أيضا:
وقد تم الكشف عن هذه النتائج المذهلة خلال فعاليات المؤتمر الأوروبي للسمنة الذي عُقد مؤخرًا في مدينة ملقة الإسبانية، حيث قدم باحثون من جامعة بيدمونت الشرقية في إيطاليا خلاصة أبحاثهم المتعمقة حول التأثير الإيجابي لمركب نباتي طبيعي يُضاف إلى البسكويت بهدف رئيسي هو تقليل الشعور المزعج بالجوع.
وقد تضمنت التجربة العلمية إضافة مركب مرّ طبيعي تم استخلاصه بعناية من نبات الشيح المعروف علميًا باسم (Artemisia absinthium) إلى بسكويت شوكولا داكنة عادي، وذلك وفقًا لما نشرته صحيفة “الإندبندنت” البريطانية واسعة الانتشار.
وقد أُجريت هذه التجربة الدقيقة على مجموعة مكونة من 11 شخصًا يتمتعون بصحة جيدة، حيث تم إعطاؤهم نوعين مختلفين من البسكويت بشكل عشوائي: النوع الأول كان بسكويت شوكولا داكنة تقليدي، بينما احتوى النوع الثاني على نسبة محددة قدرها 16% من مستخلص نبات الشيح المرّ.
وقد أظهرت النتائج الأولية للتجربة أن المشاركين الذين تناولوا البسكويت المضاف إليه المركب المرّ المستخلص من الشيح، شعروا بالشبع والامتلاء بدرجة أكبر بشكل ملحوظ مقارنة بالمجموعة التي تناولت البسكويت التقليدي الخالي من هذا المركب.
كما رُصدت لديهم أيضًا زيادة واضحة في مستويات هرمونات الشبع الهامة في الجسم، وخاصة هرمون GLP-1 (الببتيد الشبيه بالجلوكاجون – 1)، الذي يلعب دورًا حيويًا في تنظيم الشهية ومستويات السكر في الدم.
والجدير بالذكر أن هذا الهرمون هو نفسه الذي تستهدفه أدوية خسارة الوزن الحديثة مثل Wegovy وعلاجات السكري مثل Ozempic لتحقيق فعاليتها.
وقد أوضح الباحثون الآلية المحتملة التي يعمل بها هذا البسكويت المبتكر، حيث أشاروا إلى أن الطعم المرّ المميز للمركب النباتي المستخلص من الشيح يساهم في تقليل إفراز هرمون الجريلين، المعروف على نطاق واسع باسم “هرمون الجوع” الذي يحفز الشهية. بالإضافة إلى ذلك، يُبطئ هذا المركب عملية الهضم في الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى امتصاص أبطأ للجلوكوز في مجرى الدم ويُطيل من فترة الشعور بالامتلاء والشبع بعد تناول البسكويت.
وفي تصريحات للدكتورة فلافيا برودام، المشرفة الرئيسية على هذه الدراسة الرائدة، أوضحت أن المشاركين في التجربة أظهروا انخفاضًا ملحوظًا في الشعور بالجوع والرغبة في تناول الطعام قبل وجبة العشاء تحديدًا، دون أن تُلاحظ أي تغييرات كبيرة في مستويات الجوع في فترات أخرى من اليوم.
وأضافت الدكتورة برودام بتفاؤل أن هذا البسكويت يتمتع “بمذاق ممتاز ومقبول للغاية”، مما يفتح الباب أمام إمكانية طرحه تجاريًا في المستقبل القريب كمنتج غذائي مساعد للأشخاص الراغبين في إنقاص وزنهم والتحكم في شهيتهم بشكل صحي ولذيذ.
كما كشفت الدكتورة برودام أن الفريق العلمي القائم على هذا البحث يعتزم إطلاق تجربة سريرية جديدة وأكثر شمولًا في المستقبل القريب لاختبار تأثير هذا البسكويت المبتكر على المرضى الذين يعانون من السمنة ومشاكل الوزن الزائد، وذلك بهدف قياس مدى تأثيره الفعلي في تقليل كمية الطعام المستهلكة على مدار اليوم.
واختتمت الدكتورة برودام حديثها بالتأكيد على الحاجة الملحة إلى تطوير “وسائل ذكية” تساعد الناس على تقليل كميات الطعام المتناولة بشكل يومي، خاصة وأن العديد من محاولات الحمية الغذائية التقليدية غالبًا ما تفشل بسبب الجانب العاطفي والنفسي المرتبط بتناول الطعام. وأشارت إلى أن “الناس يبحثون دائمًا عن الطعام المريح الذي يمنحهم شعورًا بالرضا والسعادة، لذا فإن تقديم منتج لذيذ يشبعهم فعليًا ويقلل من شهيتهم قد يكون خطوة استراتيجية فعالة للغاية في مساعدة الأفراد على تحقيق أهدافهم في إنقاص الوزن والحفاظ على صحتهم.”
